في سياق تسارع العولمة وداخل مناخ وطني يتسم بتحولات متعددة، اختار المغرب مقاربة التعقيد في بعده الشمولي و تطوير خبرة مركزة على الرصد والتوقع. وفي هذا الإطار، ثم  إنشاء المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، في شهر نونبر من سنة 2007.

يهدف المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية إلى المساهمة  في تنوير صنع القرار الاستراتيجي. ذلك  أن مهامه تتجلى في إجراء دراسات و تحاليل استراتيجية حول القضايا التي تحال عليه من طرف صاحب الجلالة.  كما يسهر المعهد على القيام بمهمة اليقظة على الصعيدين الوطني و الدولي في مجالات تعتبر استراتيجية بالنسبة للبلاد، بالإضافة إلى فحص سير العلاقات الخارجية للمغرب  في أبعادها المتعددة،  مع إيلاء أهمية كبيرة للقضايا الشاملة.

و تسعى الأشغال التي يقوم بها المعهد، سواء من جانب  الدراسات التي ينجزها أو على مستوى اليقظة الاستراتيجية، إلى التركيز على السياسات العمومية، بهدف  إلقاء الضوء على  الخيارات المتعلقة بالإصلاحات الجوهرية التي يدعو إليها مشروع المجتمع الديمقراطي والحداثي الذي انخرط فيه المغرب بقوة.  وبهذا يمنح هذا التوجه للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، مكانة فريدة على الساحة الوطنية في خضم  الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد. و تركز أنشطته  على :

  •  حقل تحليلي واسع يخول للمعهد التطرق لإشكاليات البلاد الرئيسية، وفق مقاربة شمولية ومتعددة الأبعاد؛
  • أفق زمني يتجاوز القضايا الظرفية للتركيز على الظواهر البنيوية التي قد يكون لها تأثير على مسار التنمية بالمغرب.

ويهدف التفكير الاستراتيجي الذي يقوم به المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية إلى فهم تحولات السياق العالمي والإقليمي والوطني، واستباق التحديات. ورصد العناصر المتحكمة في هذه التحولات بالنسبة للمغرب، بالإضافة إلى اقتراح سياسات عمومية مبتكرة تتكيف مع هذه التحديات.

ويشتغل هذا التفكير الاستراتيجي في سياق انفتاح المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية على محيطه  الخارجي، من خلال الدعوة إلى  تبني مقاربة تشاركية على الصعيدين الوطني والدولي تشجع على  النقاش وتبادل الرأي، وتساهم في نشر ثقافة الابتكار والإبداع. وتحقيقا لهذه الغاية، يعمل المعهد كجسر بين السلطات العمومية والوسط الأكاديمي والمجتمع المدني.

وقد تمكن المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، منذ إحداثه إلى غاية نهاية 2019، من مراكمة منجزات خولته المكانة التي يحظى بها الآن. ذلك أنه قام بإعداد قرابة 204 تقريرا بما في ذلك 32 تقريرا استراتيجيا ذو طابع مؤسساتي، و141 تقريرا موضوعاتيا و9 تقارير تتعلق بنشاط المعهد.المنتدى و5 تقارير استراتيجية بعنوان "بانوراما المغرب في العالم" و4 تقارير تتعلق بفريق العمل الدولي لخبراء الاستشراف. ومن جهة أخرى نظم مؤتمرين دوليين حول التغيرات المناخية ومدن المستقبل، وأزيد من 175 ندوة حول مواضيع متنوعة.

إلى حدود نهاية سنة 2019, نظم المعهد 280 لقاء حول مواضيع مختلفة، من ضمنها حوالي عشرين مؤتمرًا دوليًا مخصصًا للتفكير في القضايا الشاملة، ولا سيما تحديات عالم 2050 وتغير المناخ ومدن المستقبل وتحديات المناطق البحرية وظواهر التطرف والهجرة والعلاقات الخارجية للمملكة ....

بالإضافة إلى موارده الداخلية، قام المعهد بتعبئة 224 باحثًا مشاركا وحوالي مائة طالب في سلك الدكتوراه لإعداد تقارير موضوعية واستراتيجية.

إن مهمة الدراسة المنوطة بالمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية موجهة أولا نحو توقع التحديات التي تنطوي عليها تحولات السياق العالمي والإقليمي والوطني على المغرب. وثانيا نحو تحديد الآليات القادرة على تمكين المملكة بمواجهة تلك التحديات. وقد تم في هذا الإطار تحليل عدد من القضايا الوطنية والدولية والعالمية.

وفي إطار مهامه على مستوى اليقظة، يشتغل المعهد بشكل دائم على عشر محاور استراتيجية، يشتمل كل منها على ثلاثة مجالات لليقظة الاستراتيجية. كما يقوم المعهد برصد ألف مؤشر استراتيجي وتحليل كل سنة ما يقارب من 500 منشور صادر عن منظمات وطنية ودولية مرجعية.

 

الكتيب المؤسساتي للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية